رحلة عَلي الثالثة عشر ألف ميل من الأمل
أولا ، اهتزت أصابع يديه. ثم اهتزت أصابع قدميه. الآن، يقوم بتحريك رأسه للجانبين، ويقطب حاجبيه عندما يختلف معك.
بالنسبة لعلي المطوع - البالغ من العمر ثلاث أعوام - وبالنسبة لوالديه وأسرته، والأطباء والممرضات والمعالجين في مستشفى لوس أنجلوس للأطفال Children’s Hospital Los Angeles - تعد هذه الحركات التي تبدو بسيطة شيء غير عادي.
وذلك لأن علي وُلد بضمور العضلات الشوكي (SMA)، وهو خلل جيني مميت في معظم الأحيان يسبب ضعف تدريجي وهزال للعضلات. ليس هناك شفاء من هذا المرض، وكذلك كان لا يوجد له علاج - حتى الثالث و العشرون من ديسمبر، 2016. هذا وقتما اعتمدت إدارة الغذاء والدواء دواءً يسمى (nusinersen)، وهو أول علاج لضمور العضلات الشوكي SMA على الإطلاق.
يخضع علي للعلاج بواسطة هذا الدواء، و مسماه التجاري (Spinraza)، في مستشفى CHLA منذ أكتوبر 2017. تقول د. ليا راموس- بلات، الطبيب المعالج لعلي و رئيس قسم الطب العصبي والعضلي متعدد التخصصات في مستشفى CHLA، "هذا تغير للمسار". فهو يكتسب الوظائف في حين أنه كان من المفترض أن يفقدها."
’هذا هو الأمل الوحيد‘
عندما وُلد علي في يوليو 2015، كان يبدو بصحة جيدة جدًا. ولكن قام والديه - سارة المصيليخ ومُسَلَم المطوع - بعمل له فحص ضمور العضلات الشوكي.
وكان لديهما سبب قوي للقلق. بالرغم من أن لديهما طفلين بصحة جيدة- نادرة، تبلغ من العمر عشرة سنوات، وعقيل، يبلغ من العمر خمس سنوات- فقد الزوجين طفلين آخرين بسبب ضمور العضلات الشوكي. وقد مات هذين الطفلين، طفلة تدعى فاطيمة وولد يدعى عقيل أيضًا، قبل أن يبلغا عامًا من العمر.
لذلك عندما ظهر فحص ضمور العضلات الشوكي إيجابيًا، تحطم قلب والديه.
وأوضحت المصيليخ "شعرت بالحزن الشديد، لمجرد الشعور أني سأمر بنفس الظروف ونفس الصعوبات التي مررت بها من قبل".
وبعد التأكد تمامًا، عند عمر 6 شهور، كان علي بحالة ضمور عضلات شوكي حادة - وبسرعة، بدأ يفقد قدرته على البلع والحركة وحتى التنفس. وقد تم إدخاله إلى المستشفى واحتاج إلى جهاز تنفس صناعي طوال الوقت حتى يتنفس وأنبوب فغر المعدة (tubeG- ) للتغذية.
وظل بالمستشفى لحوالي عام حتى اكتشفت المصيليخ أخبار عن اعتماد دواء nusinersen أثناء تصفحها للانستجرام في ليلة الكريسماس عام 2016. كان أول رد فعل لها هو الابتهاج. ولكن كانت هناك مشكلة.
في ذلك الوقت، كان nusinersen متوفرًا في الولايات المتحدة الأمريكية فقط، في عدة مستشفيات متخصصة في طب الأطفال. ويعيش علي وأسرته في نصف العالم الآخر، في الكويت. ولم يُتوقع توفر الدواء في بلدهم لمدة عامين- وهو أمر متأخر جدًا بالنسبة لعلي.
وقام الطبيب الخاص بعلي بتشجيع أسرته على التقديم لبرنامج كويتي حكومي يقوم برعاية علاج علي في الولايات المتحدة الأمريكية. في البداية ترددت المصيليخ وهي نفسها طبيبة. من الصعب نقل طفل مريض جدًا بجهاز تنفس صناعي إلى النصف الآخر من الكرة الأرضية. هل سيفلح هذا العلاج الجديد فعلاً؟ أم هل ستزيد من صعوبة الوضع والألم لعلي ولعائلتها، بالإضافة إلى كل ما تحملوه؟
وبالرغم من ذلك، تقدمت هي ومُسَلَم للبرنامج. عندما تم قبولهم في مستشفى لوس أنجلوس للأطفال Children’s Hospital Los Angeles ، حزموا أمتعتهم وسافروا - رحلة لمسافة 13.000 ميل. تقول المصيليخ "قلت لنفسي، ليس لدي ما أخسره،" "هذا هو أملي الوحيد."
بروتوكول إبداعي
وصل علي إلى CHLA في الثاني من أكتوبر 2017. بعد أسبوع، تلقى أول جرعة له من nusinersen. قام د. شادي زناتي، رئيس قسم الأشعة التداخلية في مستشفى CHLA، بحقن الدواء بحرص في السائل الشوكي الخاص بعلي.
بعد مرور خمسة أيام، قام علي بتحريك أصابع يديه.
وكانت تلك أول حركة له من أي نوع منذ أن بدأ ظهور أعراض ضمور العضلات الشوكي. ابتهجت العائلة. لم يكن لديهم شك بأنهم اتخذوا القرار الصحيح.
تقول والدته "لأول مرة منذ ولادة علي، شعرت بالسعادة"
وبالرغم أنه لا يعد شفاءً، إلا أن nusinersen يساعد الجسم على تكوين بروتين يسمى إنقاذ الخلايا العصبية الحركية (SMN). ويعد SMN ضروريًا للأعصاب الحركية، و التي تتحكم في حركة العضلات. في مرضى ضمور العضلات الشوكي، يُفقد الجين المسؤول عن تكوين إنقاذ الخلايا العصبية الحركية (SMN) أو تحدث به طفرة، مما يسبب موت الأعصاب الحركية.
ولكن، لا يعتبر nusinersen هو الجزء الوحيد في علاج علي. بالرغم من أن معظم الأطفال تتلقى الدواء كحقن في العيادات الخارجية، إلا أن مستشفى CHLA واحدة من المراكز القليلة في البلاد التي تعمل على تطوير بروتوكول علاجي جديد للعلاج داخل المستشفى. يعمل البروتوكول على دمج حقن nusinersen مع علاج فيزيائي ومهني وتنفسي وعلاج تخاطب مكثف.
ومثل علي، حقق أطفال كثيرون في هذا البروتوكول تقدمًا كبيرًا. وقالت راموس-بلات "لدينا بعض المرضى تخلصوا تمامًا من جهاز التنفس أثناء النهار، ويحتاجونه فقط أثناء النوم". "ويعد ذلك تقدمًا ملحوظًا."
حوالي 50 مريضًا، منهم سبعة مرضى من الكويت، تم علاجهم بشكل فعال باستخدام nusinersen في مستشفى CHLA، سواء مرضى مقيمين داخل المستشفى أو مرضى في العيادات الخارجية. بدأ البرنامج- وهو تعاون بين العلاج العصبي والرئوي وإعادة التأهيل والإشعة التداخلية وجراحة العظام- بعد ثلاثة شهور فقط من اعتماد الدواء.
وأضافت راموس- بلات "عمل أشخاص عديدون جاهدون في مستشفى CHLA لبدء هذا البرنامج بسرعة حتى يمكننا صنع فرق في حياة هؤلاء الأطفال، بغض النظر عن موطنهم" "لقد كان ذلك بمثابة جهد جماعي عظيم."
بالنسبة للمرضى الكويتيين مثل علي، يرجع جزء كبير من المجهود إلى مركز الصحة العالمية في مستشفى CHLA، والذي يخدم كمركز اتصال حيوي بين الأسر والسفارات وفريق المستشفى الطبي. يعمل المركز عن قرب مع كل أسرة خلال إقامتها في مستشفى CHLA-ويعمل كنقطة اتصال وتنسيق أساسية لكل شيء من دخول المستشفى والمقابلات مع الفريق الطبي وخدمات الترجمة والمساعدة في تأمين مسكن وحساب بنكي وأخيرًا خطة الخروج من المستشفى والانتقال بسلاسة إلى الرعاية في بلدهم.
وتقول أناهيت بيتروسيان، ممرضة مسجلة حاصلة على بكالريوس التمريض، ومديرة رعاية التمريض في مركز الصحة العالمي، "ليس من السهل المجيء إلى بلد جديدة، مكان جديد تمامًا ونظام صحي جديد تمامًا والأسر ليس لديها أقارب أو أصدقاء للمساعدة،". "لقد أصبحنا نقطة الاتصال الأولى الخاصة بهم، و ندعمهم بالنيابة عنهم. فهي علاقة وثيقة جدًا."
من الدببة وحتى وقت القصة
حتى الآن، تلقى علي خمس حقن من nusinersenمع إعادة التأهيل المكثف وهو مستمر في التحسن. يمكنه الآن أن يرفرف بيديه و يديرها ويثني قدميه. حتى أنه يحاول التقاط الأشياء بأصابعه.
بالرغم من أن الأنبوب الموجود في القصبة الهوائية يمنعه من التحدث، إلا أنه يقوم بعمل "أصوات طفولية" لمحاولة التواصل. في مرضى ضمور العضلات الشوكي، تطور الإدراك العقلي يظل طبيعي تماماً.
ويعني ذلك، أن بداخل علي طفل مثل أي طفل بعمر الثلاث سنوات. الأشياء التي تسعده معروفة لأي والد طفل صغير: كارتون جورج الفضولي؛ دب لطيف؛ ألعاب ذات أضواء براقة وأصوات مضحكة؛ والأكثر، سماع القصص. "إنه يحب القصص!" تقول أمه "وخاصةً قصص الأدغال وقصص الحيوانات."
وأخيرًا، يمكن لعلي وعائلته الرجوع إلى منزلهم وتلقي علاج nusinersen في الكويت. لم يتحدد هذا التاريخ بعد. ولكن هناك مزيد من الأمل يلوح في الأفق. تستمر الأبحاث على مرض ضمور العضلات الشوكي، وحاليًا يوجد علاج جيني واعد في التجارب السريرية.
وتضيف راموس- بلات "هذا المرض كان حكمًا بالإعدام". "ومن المثير رؤية هذا التقدم."
يرغب والدا علي في أن تعرف عائلات أخرى بأن هناك أمل للأطفال الذين يعانون من مرض ضمور العضلات الشوكي. ويرغبا كذلك في تقديم الشكر.
تقول المصيليخ "كان الجميع مهتمًا وداعمًا لنا في مستشفى CHLA". "أنا شاكرة لفضل الله ثم لفريق العمل في مستشفى CHLA، وللفرصة التي منحت الأمل لهذه الحالة اليائسة."